Libya

تقرير عن الوضع
خاصية
مخيم الفلاح 1 لنازحي تاورغاء في طرابلس؛ تم إخلاء المخيم في مايو/أيار 2022 (مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية/أحمد ريح)

استراتيجية الحلول الدائمة للنازحين: خطوة ضرورية نحو التعافي على المدى الطويل

أدى النزاع المسلح على مدى عقد من الزمن في ليبيا إلى نزوح مئات الآلاف من الأشخاص من ديارهم، وفي ظل عدم الاستقرار السياسي وانعدام الأمن، فضلاً عن الافتقار إلى سيادة القانون، لا يزال العديد من النازحين غير قادرين على العودة إلى أماكنهم ومجتمعاتهم الأصلية. وعلى الرغم من تحسن الوضع الأمني بشكل كبير منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر/تشرين الأول 2020، وما أعقبه من تشكيل حكومة الوحدة الوطنية في مارس/آذار 2021، الأمر الذي خلق ظروفًا مواتية لعودة السكان النازحين، لا يزال هناك ما يقدر بنحو 160,000 شخص نازحاً في ليبيا وفقاً لمصفوفة تتبع النزوح التابعة للمنظمة الدولية للهجرة. ومنذ بدأ المصفوفة في رصد تحركات السكان في عام 2016، عاد ما مجموعه 673,554 فردًا إلى مناطقهم الأصلية، حيث أفاد 98 في المائة من المخبرين الرئيسيين بأنهم عادوا بسبب تحسن الوضع الأمني.

بيد أن وتيرة عودة السكان آخذة في التباطؤ، حيث يواجه هؤلاء الذين ما زالوا نازحين المزيد من العوائق المنهجية التي تحول دون عودتهم، مثل تضرر المنازل بسبب النزاع المسلح وافتقارهم إلى إمكانية الحصول على الخدمات العامة عند العودة، فضلاً عن الأمن الشخصي والتماسك الاجتماعي. ويواجه النازحون لفترة طويلة حالة من عدم اليقين، مع استمرار أخطار الحماية الحرجة، بما في ذلك زيادة عدد عمليات الإخلاء القسري. ففي 2 مايو/أيار 2022، على سبيل المثال، تم إخطار القاطنين في مخيّمَين للنازحين في طرابلس، الفلاح 1 والفلاح 2، اللذان كانا يضمان 506 عائلات، بضرورة المغادرة في اليوم التالي. وفي 30 مايو/أيار، صدرت أوامر بإخلاء مخيم الدعوة السلامية للنازحين في مدينة طرابلس، الذي يستضيف 113 أسرة من تاورغاء، دون توفير حل بديل يعالج حالة النزوح التي طال أمدها على مدى عقد من الزمن. وأبرزت هذه الحوادث مجدداً الحاجة إلى إيجاد حل دائم للنازحين داخلياً.

ينص إطار الحلول الدائمة للنازحين داخلياً الذي وضعته اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات (Inter-Agency Standing Committee) على أن "الحل الدائم يتحقق عندما لا يعود للنازحين داخلياً أي احتياجات محددة من المساعدة والحماية ترتبط بنزوحهم ويمكنهم التمتع بحقوقهم الإنسانية دون تمييز بسبب نزوحهم." وبناء على ذلك، فإن تأمين حل دائم حقيقي هو عملية طويلة الأجل للتقليل التدريجي من هذه الاحتياجات التي تتطلب تدخلات من مختلف الأطياف الإنسانية والإنمائية والمتعلقة ببناء السلام.

إدراكًا للحاجة إلى إطار وطني لتعزيز الحلول الدائمة للنازحين داخلياً بناءً على المعايير الدولية ومعايير الحماية، طلبت السلطات الليبية في أواخر عام 2021 دعم وكالة التنمية والتعاون السويسرية (Swiss Development and Cooperation Agency) فيما يتعلق بوضع استراتيجية حلول دائمة وطنية. ثم أعارت وكالة التنمية والتعاون السويسرية مستشاراً للحلول الدائمة إلى مكتب المنسق المقيم في ليبيا لقيادة هذه المبادرة، بالتعاون الوثيق مع وزارة الدولة لشؤون المهجرين وحقوق الإنسان. وسوف تشمل استراتيجية الحلول الدائمة الوطنية كلا من النازحين والعائدين الذين لم يتوصلوا بعد إلى حل دائم، مع إيلاء الاهتمام لتأثيرات النزوح على المجتمعات المضيفة والمجتمعات الأخرى المتأثرة بالأزمات. ولا تنظر الاستراتيجية إلى العودة الآمنة والطوعية للنازحين داخلياً إلى أماكنهم الأصلية فحسب كحل، بل تنظر أيضاً إلى الاندماج في مجتمعات جديدة من خلال الإدماج المحلي أو إعادة التوطين في مناطق أخرى في البلد. وهي تستند إلى عدد من المبادئ الرئيسية، بما في ذلك مشاركة النازحين داخلياً وغيرهم من المجتمعات المحلية المتأثرة، ونهج قائم على الحقوق والاحتياجات، ومركزية الحماية، ونهج قائم على أساس المناطق مراعٍ السياق مع مراعاة خصوصيات كل حالة من حالات النازحين داخلياً. ونظرًا لأن المسؤولية الرئيسية عن تهيئة الظروف وتوفير الوسائل التي تسمح للنازحين داخلياً بتحقيق حل دائم تقع على عاتق السلطات الوطنية، فإنه من المنتظر أن تخصص الحكومة الليبية الموارد اللازمة.

سيتم دعم تنفيذ استراتيجية الحلول الدائمة الوطنية من قبل المجتمع الدولي بما يتماشى مع إطار عمل الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة (United Nations Sustainable Development Cooperation Framework) للفترة 2023-2025 التي تم الاتفاق عليه مؤخراً بين الأمم المتحدة والحكومة الليبية. ويدمج إطار عمل الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة النتائج الجماعية بشأن الحلول الدائمة للنازحين التي ستوجّه عمل الأمم المتحدة وشركائها فيما يتعلق بدعم تنفيذ استراتيجية الحلول الدائمة. والهدف العام، كما ورد في النتائج الجماعية لإطار عمل الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة حول حلول دائمة للنازحين داخلياً، هو تيسير التوصل إلى حلول دائمة لنسبة 80 في المائة من النازحين داخلياً والعائدين بحلول عام 2025، مع المراعاة التامة لحالة المجتمعات المحلية التي تستضيفهم أو تستقبلهم.

وقد تم الانتهاء من إعداد استراتيجية الحلول الدائمة الوطنية في يوليو/تموز 2022، ومن المرتقب أن يتم اعتمادها رسمياً من قبل الحكومة الليبية قريباً. وسيمتد تنفيذ الاستراتيجية بعد اعتمادها حتى عام 2025، تمشياً مع الإطار الزمني لإطار عمل الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة.

URL:

تم التنزيل: