الأمم المتحدة والعاملون في مجال الرعاية الصحية يصلون إلى أكثر من مليون طفل بالتحصين المنقذ للأرواح ضد شلل الأطفال
نظر نديم محمد سعيد، البالغ من العمر أربعين عاما، بارتياح إلى ابنته وهي تتلقى قطرتين من لقاح شلل الأطفال الفموي الجديد في المنزل. "كنت قلقا من مرضها. ولكن بعد أن جاء فريق التطعيم إلى منزلنا، شعرت بأن هما كبيرا انزاح عن كاهلي. إن معرفة أن مناعتها اصبحت أقوى يمنحني شعورا لايوصف من راحة البال".
في أواخر فبراير، شهدت اليمن حملة تطعيم ضد شلل الأطفال استمرت لمدة أربعة أيام في 120 مديرية في 12 محافظة في اليمن. في أقل من أسبوع، تلقى أكثر من 1.29 مليون طفل دون سن الخامسة اللقاح الفموي.
كانت الحملة تتويجا لجهود مشتركة بين وزارة الصحة العامة والسكان، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، ومنظمة الصحة العالمية. و بشكل عام ، كانت الحملة ناجحة، حيث تراوحت التغطية من 89٪ إلى 100٪، أو أعلى من الهدف المحدد سلفا في بعض المواقع.
و تعتبر هذه الحملة أحدث خطوة في مكافحة شلل الأطفال في اليمن، الذي تأكد عودته في البلاد في عام 2020 حين تفشى فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح من النمط 1. فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاحات من النمط 1 كان غير نشط منذ يناير 2021؛ بيد أن استمرار تفشي فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح من النمط 2 ظهرت بعد ذلك في نوفمبر 2021.
في عامي 2022 و2023، دعت منظمة الصحة العالمية إلى تنفيذ 4 حملات تطعيم باستخدام لقاح شلل الأطفال الفموي الثلاثي التكافؤ في 12 محافظة في جميع أنحاء اليمن. وإجمالا، تم توزيع 6,925,255 جرعة من لقاح شلل الأطفال الفموي الأحادي التكافؤ من خلال الحملات الأربع. ومع ذلك ، لوحظ ارتفاع مستويات التردد عن أخذ اللقاح، مما أدى إلى عدم أخذ اللقاح من قِبل بعض الأطفال.
في هذه الجولة، وصل 882 فريق تطعيم متنقل و845 فريق تطعيم يعملون من المرافق الصحية إلى 1.29 مليون طفل.
تهدف حملات التحصين واسعة النطاق إلى تعزيز مناعة السكان في ظل زيادة المخاطر. وتلقى الفتيات والفتيان الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات دفعة إضافية من الحماية، بالإضافة إلى التطعيمات المجدولة بانتظام وحملات التحصين التكميلية التي جرت في عامي 2022 و2023. وستقام جولة ثانية من الحملة بعد شهر رمضان.
تفشي شلل الأطفال في اليمن
وقد أدت تسع سنوات من الصراع إلى تفشي واسع للأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات مثل شلل الأطفال، والتي تؤثر بشكل غير متناسب على الأطفال.
وفي الفترة من عام 2021 إلى عام 2023، أبلغ اليمن عن 237 حالة إصابة بفيروس شلل الأطفال المتحور من النمط 2 – سواء من فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح من النمط 2 (cVDPV2) أو فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاحات (VDPV). وكانت أعمار 90 في المائة من الأطفال المتضررين أقل من 5 سنوات، في حين أن 10 في المائة من الحالات كانت من الأطفال الأكبر سنا.
يؤكد الفحص الحالي لمياه الصرف الصحي وجود فيروس شلل الأطفال في المجتمعات المحلية.1
من المعروف أن تفشي مثل هذه الأمراض تظهر بسبب النقص المُزمِن في التحصين. في الواقع، لم يتلق واحد من كل أربعة أطفال يمنيين جميع اللقاحات الموصى بها في جدول التحصين الروتيني الوطني. أي أن ما يقرب من واحد من بين كل خمسة أطفال (17 في المائة) "بدون جرعة تحصين"، مما يعني أنهم لم يتلقوا جرعة واحدة من لقاح الخناق والكزاز والسعال الديكي. كما شهد عام 2023 تفشيا واسعاً للحصبة والحصبة الألمانية في جميع أنحاء اليمن، حيث وصلت عدد الحالات إلى أكثر من 49,000 حالة.2
التحديات التي تواجه مكافحة تفشي الأمراض
واجهت المكافحة الفعالة لتفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات تحديا بسبب محدودية البنية التحتية وخدمات الصحة العامة المحدودة للغاية، ومحدودية توافر المياه، وتزايد مستويات التردد عن أخذ اللقاحات.
النظام الصحي في اليمن أصبح هشا بشكل لا يصدق. وفقا لوثيقة النظرة العامة على الاحتياجات الإنسانية لعام 2024، فإن 55 في المائة فقط من المرافق الصحية تعمل. هذا الأمر، بالإضافة إلى تدني مستوى المناعة ضد الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، يزيد من احتمال تفشي مثل هذه الأمراض.
تستمرحملة المعلومات المضللة والمعلومات الخاطئة الخطيرة حول اللقاحات في نشر الخوف في أذهان الآباء وتولّد عدم الثقة في مجتمع الرعاية الصحية في اليمن، فغالبا ما يتم تنظيم حملات مكافحة التطعيم وتداولها في وسائل التواصل الاجتماعي والمجموعات الأخرى المغلقة، مما يجعل من الصعب مواجهتها بشكل مباشر.
علاوة على ذلك، يعيش العديد من الأطفال المعرضين للخطر في المحافظات الشمالية لليمن حيث لم تتم الموافقة بعد على اللقاحات الخاصة بالاستجابة للأمراض المتفشية. وهذا يؤدي إلى استمرار تفشي العديد من الأمراض. أما في المحافظات الجنوبية حيث يتم تنفيذ الحملات، هناك حاجة للوصول إلى المزيد من الأطفال الضعفاء، لأنهم يعيشون في مناطق الرفض.
بالإضافة إلى ذلك، أدت القيود المفروضة على حركة العاملات في مجال المساعدات و الإغاثة والعاملات في مجال الرعاية الصحية إلى زيادة مشكلة عدم توفر العاملات الصحيات في المناطق الشمالية.
ونتيجة لهذه التحديات، لا يزال الأطفال يُصابون بالشلل بسبب فيروس شلل الأطفال وبأمراض أخرى -قد تكون مميتة- يمكن الوقاية منها بالتحصين.
على الرغم من التحديات، الفرق تعمل بجهود كبيرة نحو تحقيق أهداف استئصال شلل الأطفال
وفي إطار مكافحة شلل الأطفال، يعمل العاملون في المجال الإنساني والعاملون في المجال الصحي معا على توسيع نطاق الحماية من الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات في المجتمعات الأكثر عرضة للخطر، مع التركيز على الوصول إلى الأطفال غير المحصنين والذين لا يحصلون على جرعات كافية للحد من انتشار الأمرض.
لا يوجد علاج لشلل الأطفال، ولكن يمكن الوقاية منه بسهولة. ويمكن وقف انتشاره في اليمن عن طريق تطعيم جميع الأطفال بلقاح شلل الأطفال الفموي. تلتزم الوكالات الصحية وشركاؤها بالاستجابة لأي تفشي لأمراض شلل الأطفال من أجل إنقاذ الأرواح.
........................................................
الهوامش: 1 نظرا لأن غالبية حالات شلل الأطفال لا تظهر عليها أعراضلكن جميع المصابين يوجد الفيروس في برازهم ، فإن المراقبة البيئية تسمح بالكشف عن وجود شلل الأطفال في منطقة ما قبل ظهور أي حالة شلل.
2 بيانات الترصد، وزارة الصحة العامة والسكان في اليمن، يناير–نوفمبر 2023